الوقف ومصارفه وأوجه إنفاقه الشرعية
الوقف:
هو حبس العين وجعل غلتها أو منفعتها لمن وقفت عليه .
مشروعيته:
مشروع وجائز شرعا لقوله تعالى: ( لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ )،
ولقوله صل ىالله عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) رواه مسلم.
أركان الوقف أربعة
الأول: الواقف
وهو مالك العقار والراغب في تحبيسه لله -عزوجل-، وجعل ريعه للمصرف الذي يرغب في الصرف عليه، أو خدميا سواء دينيا أو صحيت.
ولا يصح هذا الوقف ولا التغيير في مصارفه ولا الحرمان من الاستحقاق فيه، ولا الاستبدال به، إلا إذا صدر بذلك إشهاد ممن يملكه؛ أي ملكا للواقف لدى إحدى المحاكم الشرعية، والتي تحل محلها حاليا المحاكم الابتدائية.
كما أن المشرع كانت رغبته آنذاك تشجيع الناس والأفراد على هذا الوقف الذي ما هو إلا عمل خيري، فلم يشترط فيه الحوز، فلو كان في غير حوزة الشخص الذي يرغب في التوقيف فيمكن شرعا وقانونا هذا التوقيف، بل إن المشرع أصدر قانونا يحمل رقم (124- لسنة 2024م) وتعديله، نظم أحكام الوقف، بل ثبت المشرع الوقف الموقوف قبل صدور هذا القانون بالبينة والشهرة بين الناس، والكتابة على أبواب المساجد ونحو ذلك، وعلى كتب العلم لجهة توقف عليها هذه الكتب، وإن قضاءنا الموقر في محكمتنا العليا أقر بذلك بموجب الطعن المدني رقم (24/15ق) الصادر بتاريخ 1978/12/1م على “أنه وفقا لنص المادة 2 من قانون الوقف رقم (124- لسنة 1972م) يجوز إثبات الأوقاف القديمة والصادرة قبل العمل بهذا القانون بالبينة والشهرة بين الناس كما يجوز إثباتها بالوثيقة الصادرة من الوقف أو من يقوم مقامها”.
الثاني: الصيغة
وتنقسم إلى قسمين: صريح وكتابة.
وقد ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الوقف ينعقد باللفظ، وينعقد بالفعل كأن بنى مسجدا وأذن للناس بالصلاة فيه، فيصبح المسجد وقفا بالقرينة الدالة على إرادة الواقف.
الثالث: الموقوف
وهو العين؛ أي العقار الذي أوقفه الواقف، ويشترط فيه أن يكون ملكه ملكية تامة، ليصح الوقف.
الرابع: الموقوف عليه
والجدير بالذكر أن وقف المسجد والوقف عليه لا يكون إلا مؤبدا، وأول وقف في الإسلام كان مسجد (قباء) الذي أسسه الرسول صلى اللّٰه عليه وسلم عند قدومه إلى المدينة، ثم والمسجد النبوي الذي أسسه النبي صلى اللّٰه عليه وسلم أيضا في المدينة.
ويستفيد الواقف مما أوقفه حتى بعد موته في وصول الأجر إليه، كالصدقة الجارية مثلا.
مصارف الوقف
وهي الجهات التي حددها الواقف ليصرف إليها ريع وقفه، فيتحدد المصرف أولا بعمارة أعيان الجهة الموقوف عليها، وصيانة موجوداتها، ثم على مصالحها، وما يحقق أغراضها، ويخدم روادها من طلبة ومصلين؛ وهي نوعان: خدمي وريعي.
فالهيئة العامة للأوقاف والشؤون الإسلامية، كونها متولية النظارة- بموجب قانون إنشائها رقم (10- لسنة 1971م)، وبموجب قانون الوقف الذي سبق الإشارة إليه- على جل عقارات الوقف، فلها عدة مشاريع وقفية.
ومن أول مشاريعها الخدمية المدروسة والتي في طريقها إلى التنفيذ مستقبلا “مستشفى وقفي” الذي يعتبر أول نواة للوقف الطبي.
كما أنه أصبح للمصارف مسميات متعددة، تطورت بتطور الزمن، وبحسب حاجة ذاك الزمن لهذا المصرف، وكلها لا تخرج عن الصنفين المذكورين أعلاه، مثل: مصرف للشؤون الإسلامية، مصرف للعلم، مصرف لأوجه البر…إلخ.
كما أن أوجه الإنفاق الشرعية التي يصرف من خلالها ريع الوقفيات الريعية (ما أوقفه الواقف)، يكون بنسب متفاوتة يحددها متولي النظارة، بما يتناسب مع مصلحة الوقف المرجوة، وما ينميها ويستثمرها، ومنها: النظارة، الاستثمار، الصيانة، المراكز العلمية، الجوامع، الدراسات والتخطيط، أوجه البر الأخرى.