« المقالة الشهرية للجنة العلمية بالهيئة العامة للأوقاف»
غزة الجرح النازف
المقالة الشهرية | صفر 1447 هـ
الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
في الحديث الصحيح الذي رواه النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى».
يُعلّمنا هذا الحديث النبوي الشريف أن مصائب الأمة الإسلامية وآلامها واحدة، وأن ما يجمعنا ويُشعرنا بهذا الألم المشترك هو رابطة الإيمان القوية. فإذا أصاب المرض أو الألم جزءًا من الجسد، فإن باقي الجسد يتأثر ويشاركه السهر والحمى.
وإن ما نشاهده ونسمعه من مشاهدَ مروعة وأخبار مفجعة في غزة، على يد اليهود الغاصبين، لهو ما يُفطّر القلوب ويُحزن النفوس. إن ما يتعرض له إخواننا في غزة من قتل وتشريد وتجويع وظلم يكشف عن وحشية لم يعرف لها التاريخ مثيلاً.
لقد تفنن هؤلاء الأعداء في أساليب القتل والتعذيب، من قصف للمنازل على رؤوس ساكنيها، إلى حرق وتدمير الأماكن المقدسة، وصولًا إلى سياسة التجويع والحصار التي تزهق أرواح الأطفال والضعفاء. إن مشاهد الأطفال وهم يصارعون الموت جوعًا كافية لتُنبّه ضمائرنا على عتوّ هؤلاء الظالمين، وتكشف في الوقت نفسه عن ضعفنا وهواننا على الأمم.
إن الشعور بآلام أهلنا في غزة هو أقل ما تُمليه علينا الأخوة الإيمانية، بل هو واجبٌ علينا. فمأساة فلسطين عمومًا وغزة خصوصًا تفرض على الأمة الإسلامية، قادةً وأفرادًا، أن تستيقظ من سباتها العميق، وتعود إلى دينها، وتُعدّ العدة الإيمانية والمادية اللازمة لرفع الظلم عن المستضعفين هناك.
نسأل الله أن يُفرّج عن أهلنا في غزة، وأن يطعم جائعهم، ويكسو عاريهم، ويؤمّن خائفهم. اللهم انتقم من اليهود الظالمين ومن ناصرهم، واكتب لأهل غزة النصر والتمكين.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.